مختارات الاقلام : زيرفان أوسي .. الأثر واللغة

ضمن سلسلة إشراقات التي يشرف عليها الشاعر الكبير (أدونيس) وتصدر عن «دار كتب للنشر» ، صدر للشاعر العراقي الكردي «زيرفان أوسي» مجموعته «يوتوبيا بحجم الكف» بيروت – لبنان 2024 وزيرفان أوسي شاعرٌ وكاتبٌ من اقليم كردستان. ولد في دهوك عام 1986 وهو يكتب باللّغتين العربية والكردية . وقد حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي من جامعة بينغول في تركيا . يعيش في دهوك ويعمل تدريسيا في وزارة التربية ، وله أكثر من ديوان شعري.


ويبدو للمطّلع – لأول مرةٍ – على نصوص هذا الشاعر، انها تحرث في لغةٍ بكر، لا تتكرر كثيرا عند مجايليه من الشعراء الكرد والعرب. نصوصٌ جديدة تواكب لغة العصر وقضاياه من خلال تسليط الضوء على الراهن العراقي والإنساني الملتبس، ومن خلال التجريب الذي يقود إلى لمعانٍ جديد ومستحدَث في كتابة قصيدة النثر الجديدة، بعيدا عن التقليد والكليشة الشعرية التي تسود عند كثيرين من الكتّاب الجُدد – بعضهم على وجه الدقة - . فما الذي يميّز هذه التجربة عن سواها في الكتابة الجديدة ؟.

نقول بالتماعاتٍ تجعل القصيدةَ متوهجة وساطعة. إنها تشتعل فتجعل من اللّغة مضيئة مقارنةً بما يحيطها من العتمةِ والأفقِ الباهت الذي لايفضي إلـى شيء.. وبالتالي فأنها قصيدة تتـرك أثراً في روح ووجدان القارئ . ثم أليس الشعر خطابا ينبثق عن الروح والعقل معا وهو ما نطلق عليه بـ (القصيدة الواعية) التي تفكّر كثيرا في لغتها وصورها ومعانيها؟. تواشج قلَّ نظيره بين الروح والفكر يقود إلى فرادةٍ في التعبير .. نعم هو اللمعان في أظهر صورهِ . أنْ تبتكر جملةً وتحفر فـي تركيبها على نحو ٍ مختلف ومغاير ، أنْ تأخذَ بيد القصيدة الى مآلاتٍ مختلفة ومتعددة فتفتح آفاقاً للتأويل..، أنْ تتـرك للقصيدةِ أنْ تتحدث كثيرا على الرغم من أنها من النصوصِ القصيرة، ذلك بالضبط ما يفعله زيرفان أوسي الشاعر العراقي الذي يطلّ علينا من خلال سلسلة اشراقات .. السلسلة التي تنتقي وتختار على وفق ما يتطلّبه البحث عن الشعرية وسط كمٍ هائلٍ من اللّغـو المفرط وغير المنتج ..
يقول أدونيس عن الشعر : الشعر هو أن تأتي من الليل بأكبـر التماعاتٍ ممكنة !! .


قصائد

زيرفان أوسي

(( إلى النساء الأيزيديات الأسيرات))

(1)
أخبرني أيها الصدع في الكلمة
أموتٌ هذا الرماديُّ
في نعشِ الغروبِ؟
كيفما يجيءُ ، يتأهّب كي يلمسَ وجهاً
لم أعد أعرفهُ .

(2)
أيتها الرمالُ
التي تمقتُ وطأة الأقدام
أما زلتِ تنتشين بحركة البحر ؟

(3)
مجازٌ آخر
يضاهي جنون العالمِ
المائل رأسهُ نحو جدار التاريخ
في صرخةٍ سريّةٍ
أظنّها الكلمات
لم يقلها سوى الرماد .

(4)
للجزرِ الممدودةِ على جسدك
بقية ثورةٍ لم تكتمل
إنْ كنتِ ماءً أو سراباً
فهذا الكونُ يجري في شريانِ الحبّ.

(5)
خريفٌ يُبطيءُ حركتهُ
سيفيق ورقاً لَمْ يُهيَّأ للسقوط.

(6)
أصغِ إليَّ يا نَفَساً ينضجُ
أصغِ إليَّ
أنت أوضح من هدنةٍ
أدهش من ظمأٍ.

(7)
من يشعلُ قنديلاً أمام الشمسِ؟
من يرى الأعمى
بعصا البصيرة؟

(8)
أيّنا بوصلة لولادةٍ
لاسم ينشأ في الحربِ؟
لخريطةِ جحيمٍ بين فراديس العباد؟

(9)
في أرضٍ ميتةٍ
يقتربُ المدى من لذتي.
أيّنا رأسٌ لهذا القتلِ؟
من يمحو أفلاكهُ
ليعبر في الظلام؟
من يبطئُ شعاع الوجودِ
لا يدخلُ في النهارِ مرتين.

(10)
جئتُ متأخّراً ،
الشارعُ مجرّد حدسٍ
الشارعُ حدسٌ مختلفٌ
خالٍ من البشريّ
خالٍ من الأشياء الضيّقة
من الرؤوس الكبيرة
من اليقين.

(11)
ذائبٌ ، مُعتمٌ هذا الجسدُ
يبقى هو الأنقى
العتمة النقيّة .

(12)
روّض أيها الخفيُّ كلَّ شيءٍ
يولد في معناه
ثم يموت كشخصٍ غريب
لم يوصِ أحداً .

(13)
اللحظةُ شراب بويهميّ.
لا تكترثْ إلا باللحظةِ
هي تعرفُ منذ سطورك الأولى
كيف تقيسُ الهباءَ بالهباءِ
والشجرات بالانحناءِ.

(14)
ابتكرُ اللغة في اللغةِ
أسقِ الكون وانتحرْ
ولنتحر معك الصفات واللغات
صفاتٌ تؤويها
ولا تؤيك.

  • المعرض الدائم في بابل / كلية الفنون الجميلة في بابل
  • المعرض الدائم في واسط / جامعة واسط
  • المعرض الدائم في كربلاء / البيت الثقافي في كربلاء
  • المعرض الدائم في البصرة / البيت الثقافي في البصرة
  • المعرض الدائم في تكريت / جامعة تكريت
  • المعرض الدائم في الفلوجة / البيت الثقافي في الفلوجة
  • المعرض الدار الدائم في الديوانية
  • المعرض الدار الدائم في ذي قار

 

social media 1    social media    youtube    pngtree white linkedin icon png png image 3562068


logo white